Monday, August 20, 2007

مدينة الحب

مدنية الحب و هي من اجمل اغاني كاظم في البومه الجديد

كلمات الأغنية :

مدينة الحب

مدينة الحب , أمشي في شوارعكِ
وانا أرى الحبَ محمولا بأكفاني
صبّوا العذاب كا شئتم على جسدي
فلا شهود على تعذيب سجاني

رجعتُ للدارِ , أمشي فوق نيراني
كفاً لكفٍ
يقود خُطايَّ حرماني
هل من مجيب ؟
أنا في الباب منتظرٌ
لا أحمل الورد
أحمل طوق أحزاني

ذهبت..
ذهبت مع الريح
فأصحو يا مدللها
كأسٌ هي الان في يدي عاشق ثاني
ذهبت..

عيناي , شفتاي , أعصابي , خيالي , دمي
يبحثون عنها بين أحضاني
قلبوا الأثاث , وضجوا حول صورتها
متظاهرين
كشعب خلف قضبان
نريدها اليوم
شمعتنا , حبيبتنا
لا زاد , لا نوم
عصيانا بعصيان

يا ايها القوم
يا جسدي , وعاطفتي
كفى ملاماً
فجلد الذات أدماني

صفعت وجهي . أهذا يا زمان
انا ؟؟

أذلني الحب
أخرسني وأعماني

بعد الفراق
رأيت الصبر شيّعني
في صحوة الفجر
أمشي مشيَّ سكرانِ

يخيفني الليل
والذكرى تعذبني
وحارب النوم ذاكرتي وأجفاني

الشاعر : كريم العراقي الحان و غناء : كاظم الساهر

في آالبومين الأخيرين ( انتهى المشوار و الى التلميذه ) لم نرى ان كاظم بدع بأغنية قويه كـمدينة الحب ... و اليكم نقد الاطباعي لهذا الابداع :
ان الابداع الأدبي و الموسيقى في أغنية مدينة الحب يجعلنا نوقف كل نشاطاتنا عندما تتهادى إلى مسامعنا في حزن و أسى عميق هذه الاغنية التي تأسر اذاننا و تضطرب لها دقات قلوبنا
انها حقا تستحق الوقوف عندها لنتأمل سويا كيف استطاع الملحن كاظم الساهر و الموزع الموسيقى فاضل فالح ان ينسجوا على اوتار الآلات الموسيقية و يزغرفوا بالنغمات هذا العمل الموسيقي الرائع ...

تتميز اعمال القيصر بتقديمها لموسيقى تصويرية تجعلك ترى المشهد بمجرد ان تستمع للموسيقى تجعلك تعيشه وكأنه واقع مرسوم ما بين جفونك بمجرد ان تستمع لصوت كاظم الساهر ..

ان المقدمة الموسيقية التي وضعها الموزع فاضل فالح كانت قصيرة و مقتضبة و لعل قصرها كان ابداع في حد ذاته فعند لحظات الحزن الشديدة يكتفي الكثير منا بالصمت و يكون العزاء في كلمات وجيزة ..
ارتكزت المقدمة الموسيقية على صوت ألة الكمان الحزين و العود الذي دخل بهدوء شديد ليؤكد في اذهاننا الاحساس بالآسى و الألم .. و سرعان ما جاء اول تصريح و بيان رسمي بسر هذا الحزن ليصبح و كأنه نعي و رثاء في الحب ..
(مدينة الحب .. امشي في شوارعكي .. و انا أرى الحب محمولا بأكفاني .. صبوا العذاب كما شئتم على جسدي فلا شهود على تعذيب سجاني )
يرافق صوت كاظم الساهر دقات عود في الخلفية خافتة واهنة ويرافقها زايدة في ضعف الصوت و الاعتماد على طبقة صوتية منخفضة في مقطع ( فلا شهود على تعذيب سجاني ) وتكرار هذا المقطع يؤكد مدى الاحساس بالحزن فهو بذلك يشييع جنازة حبه ..
و تتعالى وقتئذ صيحات الآهات من الكورال مرافقا اياها صوت العود الحزين ليرسم لك صورة جنائزية .. مشهد تشييع جنازة مما يساعدك في تخيل المقطع الغنائي التالي ..
(رجعت للدار امشي فوق نيراني كفا لكف يقود خطايا حرماني .. هل من مجيب .. انا في الباب منتظر لا احمل الورد .. احمل طوق احزاني )تكرار غنائه لمقطع ( هل من مجيب ؟ انا بالباب منتظر ) مرتين يرسم لك انتظاره امام بابه تكبله الذكريات ، توقفه ، لعلها تجيبه وتفتح له ..
وتكرار غناء جملة ( لا احمل الورد ..) كان موفقا جدا فاستطاع الملحن بذلك ان يقدم للمستمع ما يسمى بالسينما بفلاش باك flash back ليحملك للماضي و ذكرياته عندما كان يعود للدار حاملا لحبيبته الزهور متوقعا ان تستقبله على الباب بابتسامتها الجميلة
ليعود بك سريعا للواقع مرة اخرى لتراه في المشهد الحالي ( احمل طوق احزاني ) و يؤديه المطرب كاظم الساهربصورة من يرثي حاله فلا يكررها محاولا الهروب من عذابه ... وتنتشله نداءات الحضور ( ذهبت .. ذهبت .. ذهبت ) . لينتبه انه ما من مجيب و يعود لتذكر جرحه و ألمه ليصارح روحه المعذبة (ذهبت مع الريح فاصحوا يا مدللها كأس هي الآن بيد عاشق ثاني ) و عندما تستمع تحديدا لكلمة الريح تداهمك صورة الرياح في ذهنك و تشعر بها في موسيقى الخلفية لترسم صورة رياح ضعيفة توافق ضعف الانسان في لحظات حزنه .. ويعود الكورال ليؤكد له انها هجرته بتكرار كلمة (ذهبت ) لمرة واحدة .. فاذا بصوت كاظم الساهر يعلو صارخاُ يفجر احاسيسه بقوة الغاضب الثائر (عينايا .. شفتايا .. اعصابي .. خيالي .. دمي .. آه ..يبحثون عنها بين احضاني ..) لترافقه موسيقى تتأهب للثورة و تبث الحماس في النفوس لتحملك بالتدريج لمشهد المظاهرة و الثورة دون السقوط او الاخلال بالوزن العام لللحن .. (قلبوا الاثاث و ضجوا حول صورتها متظاهرين .. كشعب خلف قضبان ) .. و تتعالى اصوات المتظاهريين (نريدها اليوم .. شمعتنا .. حبيبتنا.. لا زاد .. لا نوم .. عصيان بعصياني )في هذا المشهد ابداع ادبي .. فاستطاع الشاعر ان يجسد العيون و الشفاه و الاعصاب و الخيال ليصبحوا كأشخاص ثائرين يصرحون و يصرخون كشعب ثائر ضد حاكم جائر .. ليأتي الصوت محاولا السيطرة على العصيان .. يخمد الثورة .. ينادي بالرحمة ..(يا أيها القوم .. يا جسدي و عاطفتي .. كفا ملاما فجلد الذات ادماني .. ) و هنا اطال الملحن غناء يا ايها .. ليوضح النداء في قوم كثر و تكرار مقطع ( كفا ملاما فجلد الذاتي ادماني ) يأتي ليوضح مدى الألم عندما تلوم النفس ذاتها و تقوم هي بالمحاكمة و اصدار الحكم حتى تصبح هي ذاتها مصدر العذاب و الألم .. ولا يوجد ما هو اقسى من ألم النفس ..

هذه الثورة في الكلمات و الموسيقى تزداد حدة و ترسم صورة المفاجئة عندما يداهم الشخص يدا تصفعه على وجهه .. ( صفعت وجهي .. صفعت وجهي ) و يرافق هذا المقطع صوت الآهات الصادرة من الكورال و كأنها صادرة من شدة الالم الذي خلفته الصفعة ..و يحاول الانسان ان يستعيد شيئا من كبريائه فيجده مذبوحا مقتولا في مقطع ( اهذا يا زمان انا .. انا الذي حب اخرسني و اعماني ) و تكرار كلمة أنا بها رثاء للنفس و تأتي الآه الطويلة قبل التصريح بسر الرثاء ( انا الذي الحب اخرسني و اعماني ) و نتوقف هنا موضحين ان تقديم الفاعل عن الفعل فيه بلاغة ادبية ... فكيف يكون الحب سر السعادة هو ذاته الجلاد الذي اوأد حياته ..؟!

و تأتي الموسيقى بعدئذ ترسم الزمان وقد مر و انتهى الليل المشئوم .. و اقبل عليه الفجر .. والسلوى في الصبر هي ما تبقى لديه (بعد الفراق .. رأيت الصبر شيعني .. في صحوة الفجر امشي مشي سكران) و لكن لم يستطع الصبر ان يطيب له جرحه و يطهر النفس من عذابها ولومها لذاتها ( يخيفني الليل و الذكرى تعذبني ..و حارب النوم ذاكرتني و اجفاني ) فلاتزال الذكريات كخنجر مسموم تطعن قلبه ولا تزال النفس جلاد للذات و جرح الذاتي يدمي و يصيح المعذب (أهذا يا زمان أنا .. انا الذي الحب اخرسني و اعماني ) ... النهاية الموسيقية تقدم ذات المشهد الجنائزي و لكنها الآن جنازة النفس و نعتذر لا عزاء ..

كانت هذه وقفة حداد .. لندرك سويا مدى الابداع بهذه الاغنية شعرا و لحنا و توزيعا في صورة بسيطة دون الدخول في تفاصيل موسيقية لنكتفي بتقديم الصورة التي ترسم في عيوننا كما نراها من خلال الموسيقى فقط ..

No comments: